يونس

تجريبي

Pages

الاثنين، 9 سبتمبر 2013

وحدة متابعة الأحداث: حديث الدبلوماسية في التصعيد الأممي على سوريا






وحدة متابعة الأحداث/ قبيل صدور تقرير المحققين الدوليين ، بدت الجهود الدبلوماسية لأطراف النزاع السوري متسارعة الخطى صوب إيجاد تسوية سياسية من شأنها أن تجنب المنطقة سيناريو حرب إقليمية بدت تتجلى مخاطرها الإنعكاسية، بُعيد وقوعها، في تقدير كثير من المراقبين والمسؤولين الحكوميين، وكل ذلك في ظل مؤشرات تجعل من إحتمالية المضي في أي القرار للحرب بعيدا عن نفعية التوسل بالوسائل السلمية لحل النزاع ، خيارا مكلفا للغاية.
تدرك أطراف النزاع جيدا خصوصا الكبرى منها، أن أي حرب إقليمية ستكون مكلفة للجميع، التكلفة ستكون سياسية بالنسبة لروسيا الإتحادية وهي لن تقبل من موقعها الدولي أي هزيمة في هذا الجانب، خصوصا وأنها باستخدامها لمكانتها السياسية في الأروقة الأممية لتعطيل أي قرار مدين للنظام السوري قد أكسبتها هيبة ونفوذا سياسيا لم يتحقق لها في الجوانب الأخرى التي تتنافس فيها مع الأطراف الدولية الكبرى، وعليه فأي تصور يفترض أن تسمح فيه روسيا بتجاوز ردعها السياسي ، مع أي حملة دولية ضد سوريا، بدون رد استراتيجي من جانبها، تصورا سرياليا بعيد التوقع. كذلك الأمر بالنسبة للولايات المتحدة، ستكون الحملة مكلفة لها من جانب النتائح العسكرية الممكن أن تؤدي إليها، في ظل حالة اللايقين التي تطبع المشهد الإستراتيجي للمنطقة وكذا متغير مواقف أهم اللاعبين في مجالها الإقليمي، وكل هذا  إلى جانب إحتمالية أن تجري متغيرات استراتيجية ناجمة عن العمل العسكري المحدود في غير صالح الإدارة الأمريكية، الأمر الذي سيدفعها مستقبلا ل"اتخاذ تدابير ضرورية" غير محسوبة لمعالجة الوضع" من شأنها أن تهدم توقع واشطن السياسي  وتخلط حساباتها العسكري في الأزمة.
وبالنظر إلى تطابق الإرادات السياسية بين روسيا وواشنطن في جانب رفضهما لإستخدام السلاح الكيماوي في النزاع السوري وتعبيرهما الصريح عن فداحة واقعته وتأثيرها على مصالحهما القومية، فيبدو من المفهوم اليوم وبناءا على تلك التقديرات، كيف بدت لغة خطاب الأطراف السياسية تجنح في أجواء الإستعداد للحرب إلى الحديث عن خيارات دبلوماسية.

 حل الأزمة السورية "سياسي" وليس "عسكريا".

الولايات المتحدة الأمريكية بقدر ما تعي خطورة توجيه ضربة عسكرية بحق النظام السوري، يهمها أن تجني ثمار نجاح حملتها الدولية لمعاقبة نظام الأسد، خصوصا وأنها تلقى دعم غالبية أعضاء المجتمع الدولي بما فيها معظم الدول الإقليمية في النزاع.  لذلك نجد نوعا من الحزم في عزم واشنطن توجيه ضربة عسكرية حتى مع احتمالية رفض الكونغريس الأمريكي إعطاء إدارة أوباما موافقته على هذا الخيار ، وكذلك نوع من الحذر تلفه لهجة سياسية مقابلة تشي بعدم ممانعة الإدارة الأمريكية بالمضي في حلول سلمية لمعالجة أزمة "السلاح الكيماوي"، إن إستجابت دمشق من جانبها لإملاءات الإدارة الأمريكية، أوضحها جون كيري في قوله:
 ‘إن تسليم الرئيس السوري بشار الأسد أسلحته الكيميائية يجنّب سوريا ضربة عسكريةنحن مستعدون لمراجهة توجهنا إذا حصل وسلم الرئيس السوري بشار الأسد جميع أسلحته الكيميائية للمجتمع الدولي دون أي تأخير خلال الأسبوع القادم. وإن كنا على ثقة بأن الأسد "لن يفعل ذلك". ( جون كيري ) 
فمسألة التدخل لدى واشنطن مرتبطة أساسا بتحييد السلاح الكيماوي من معادلة الصراع الدائرة في سوريا ولا علاقة لها بغرض إنهاء النزاع الذي تطلب معالجته مجموعة من العوامل أهمها العامل السياسي، يضيف كيري :
"في النزاع السوري ليس هناك حل عسكري، لكن أي حل سياسي يحتاج أطرافا مستعدة له" (جون كيري ) 
أما موسكو، فترغب من جهتها تجنب ضربة أميركية على سوريا واللجوء إلى الوسائل الدبلوماسية لحل الأزمة، ومن ثم فهي تسعى لتوجه المواقف الدولية إلى هذا الخيار بالتصعيد ثارة والترغيب ثارة أخرى مصرة على إيجاء حل سلمي لتحييد السلاح الكيماوي و المضي في تسوية سلمية موعدها مؤتمر جنيف2 لتقريب وجهات النظر بين الأطراف. وقد بدا تأثير روسيا على مواقف النظام السوري واضحا في هذا الجنب، هذا الطرف الذي أصبح يتحدث عن استعداد دمشق اللامشروط لتجنب أي عمل عسكري على النظام السوري، وذلك بالتعاون مع الأطراف الدولية في جانب شبهة "استخدام السلاح الكيماوي". هذا ما عبر عنه وزير الخارجية وليد المعلم في لقاءه مع نظريره الروسي، قائلا:
إذا كانت ذرائع الحرب (التي تهدد بها الولايات المتحدة) هي استخدام الكيميائي فإن الجهود الدبلوماسية في هذا الصدد لم تستنفد،  فدمشق ستتعاون مع موسكو بشكل كامل في هذا الخصوص" ( وليد المعلم وزير الخارجية السوري ) 

حديث في التسوية في غياب طرف ثالت

وفيما يسعى الأطراف إلى إيجاد سبل تسوية لأزمة "السلاح الكيماوي السوري"، يبدو من الملح إعادة النظر في الكيفية التي يؤخذ بها الحل السلمي للنزاع. فمع درجة تصلبية مواقف الأطراف إلى جانب حجم التصعيد الحاصل في لهجة الإنتقاد السياسي المتبادلة يجعل من الصعب الحديث عن وجود بيئة ممكنة لإستنفاذ الحلول السلمي قبل الحكم على نجاعته.
وهنا سيكون من المناسب لو تدخلت أطراف ثالتة للعب دور الوسيط السياسي لحل الأزمة السياسية والإنسانية التي انحصر عن جذريتها النزاع السوري. يمكن هنا أن تشكل ألمانيا طرفا ثالثا مناسبا لقيادة أي تسوية سياسية مقبلة، فالأكيد أن الدولة ليست من صنف الدول المحايدة بل لها مواقف سياسية ومحددات في سياساتها الخارجية، لكن من موقع ما لعبته من أدوار وساطة في حل أزمات إقليمية ودرجة النجاح الذي حققته والقبول الذي حضيت به كوسيط من قبل جميع الأطراف، إلى جانب المكانة السياسية والإقتصادية التي تحتلها ألمانيا داخل الإتحاد الاوروبي وخارجه، فيمكن أن تشكل طرفا أساسيا في معادلة أي تسوية سياسية قادمة، وإن كانت الأجواء السياسية التي تعيشها ألمانيا في الراهن،  تدفع بالحزب الحاكم إلى تقليص تركيزه على مواضيع السياسية الخارجية لصالح الشأن الداخلي الألماني في سعي منه لحشد الدعم الشعبي لتعزيز فرصه الإنتخابية.

وتبقى في النهاية، التسوية السلمية رقما لازما في معالجة الأزمة السورية بغض النظر عن السيناريوهات الممكن أن تعصف بمشهد النزاع، فلا يمكن في النهاية معاجة صراع شديد التعقيد والترابط كالصراع السوري بتدابير بسيطة حتمية في مأخذها الإستراتيجي، بل من اللازم على الجهود المبذولة أن توازي ذاك التعقيد بتعقيد مقابل، تكون الدبلوماسية في أبسط تجلياته ماضية جنبا والحلول العسكرية الزجرية كلما دعت الضرورة إليها.      

0 comments:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More