يونس

تجريبي

Pages

حديث الدبلوماسية في التصعيد الأممي على سوريا

عنوان الموضوع الثاني

وصف الموضوع الثاني .. هذا القالب من تعريب عثمان بن الطالب صاحب معهد خبراء بلوجر - لا تنسوا زيارتنا

عنوان الموضوع الثالث

وصف الموضوع الثالث .. هذا القالب من تعريب عثمان بن الطالب صاحب معهد خبراء بلوجر - لا تنسوا زيارتنا

عنوان الموضوع الرابع

وصف الموضوع الرابع .. هذا القالب من تعريب عثمان بن الطالب صاحب معهد خبراء بلوجر - لا تنسوا زيارتنا

عنوان الموضوع الخامس

وصف الموضوع الخامس .. هذا القالب من تعريب عثمان بن الطالب صاحب معهد خبراء بلوجر - لا تنسوا زيارتنا

الجمعة، 9 ديسمبر 2011

أي استبداد تسعى دونه الحكومة المغربية المرتقبة






القدس العربي- يونس الغايسي

لطالما كانت كلمة 'اسقاط الاستبداد' ، خفيفة على لسان القول ثقيلة على ميزان الفعل في صفحات التاريخ وتجارب الوقائع، فهي وإن كانت شعارا سياسيا تحمله المعارضة فيحملها بعد إلى سدة الحكم، في تقاطع وإرادة الشعب المريدة لكل تغيير، لا يزال التاريخ يذكرها كقناع يظهر ما لا يضمر، بلبوس سياسي، وجها آخر للإستبداد وإن كان بوجهة أخرى، مهما اختلفت، تبقى في غير مسرى قنوات الشعب.
ما خلا نظام سياسي قط من مظاهر استبداد، كما لم يكن حكرا على أي نمط او فلسفة حكم مجتمعية، سواء أكانت ديمقراطية أو دكتاتورية، شعبية أم أوليغارشية، ملكية أو جمهورية، علمانية أم اسلامية.. لعلها فطرة سياسية فُطرت المجتمعات عليها، قد لا يراد لها أن تزول حد الاسقاط، بل ربما تحتاج إلى أن نتعايش معها في محاولة لفهمها كظاهرة قبل تقويضها، كالجسد المتورمة اعضائه ، لا يحتاج إلى بترها لانه لو فعل فقد توازنه وفاعليته، بل ليحصرها ويشخصها أولا ومن ثمة يجد علاجا انسب إما بإضعاف المرض أو بجعله يصارع ذاته، مع تقوية أجهزة المناعة.
هذا ما يُراد للحكومة المغربية المرتقبة أن تفعله، مادامت من على ذات الشعار، أرادت تحقيق الأهم ليس فقط في كسب ثقة الصناديق، بل وفي جعل الرباط قائما بينها ومطالب الشارع الثورية الوازنة، التي لولاها لما تحققت شروط النجاح بصبغتها النغييرية البادية. ومادامت على لسان حزب العدالة والتنمية الحاكم، تجد في الاستبداد ومحاربة الفساد اولويتها السياسية والمجتمعية، وكأنه أول بنود هذا العقد الاجتماعي الجديد وأهم اختبار تستطيعه الحكومة اجتيازه بتوفيق لكسب معركة الثقة والأهلية لتمثيل التغيير، فأي استبداد ينبغي محاربته؟ وبأي قراءة أو تشخيص ستُقارب به الحكومة المقبلة هذه الظاهرة بالشكل الذي يحدث التغيير المنشود، ليس في صلب المؤسسة وحسب، بل وفي تفاصيل حياة المواطن المغربي؟
إن الذي يرى في الاستبداد وحسب، جور السلطان وتَغَوُّل الأعيان، سيذهب بعيدا في مسلسل التغييري عما هو منشود من لدن المواطن المغربي، الذي أضحى حاله كلوحة سيميائية تعبر بشكل جلي عن مدى أثر لطخات هذه الظاهرة، فالقضية ليست أن تستأثر بالحكم، بل أن تجلعه قابلا للإستئثار، وهذا مكمن حقيقة هذه الظاهرة، ومبلغ تغولها في صلب حياتنا المجتمعية. يقول عبد الرحمان الكواكبي في سفر 'طبائع الاستبداد' بما يدل على عمق القراءة الوازنة للظاهرة: 'لو أراد الاستبداد ان ينتسب لقال: أنا الشر وأبي الظلم وأمي الاساءة وأخي الغدر وأختي المسكنة، وعمي الضر، وخالي الذل، وابني الفقر وابنتي الحاجة، وعشيرتي الجهالة ومذهبي الالحاد ووطني الخراب'. الاستبداد هو ان تجد أكثر من 40' من الشعب المغربي غارقا في الامية 'وفق تقديرات اليونيسكو لسنة 2015'، كأبشع أنواع الاقصاء، من حياة المعرفة وبالتالي من الحياة العملية والسياسية، حينها يتحقق الاستبداد العضوي بإقصاء هذه الفئة، وبالتالي هدر هذه القدرات البشرية بل وتسليبها بالشكل الذي يجعل الاستئثار والتحكم فالتوجيه المتفرد امرا تلقائيا.
الاستبداد هو أن يظل المغرب في مؤشر حرية الاعلام والصحافة عالميا لسنة 2011، ضمن دول 'عديمي الحريات' محتلا مرتبة 141 عالميا من أصل 192، غارقا في التوجيه السياسي ومُبعدا عن خدمة فضايا الشعب التي تستحق أن تُثار وبها تظهر فاعلية الاعلام، في فضح الفساد والتحقيق في التلاعبات بالمال لعام، وإثارة الرأي العام في قضايا المواطن المعيشية والمصيرية، فما للإعلام من دور في رفع مكانة الأمم والتعجيل في مسلسل إصلاح قدراتها التنموية والسياسية كما تحكي تجاربها في النهوض، لبرهان على أن أي تغيير منشود لا يأخذ الاعلام كقناة تواصل شفافة بين مصلحة المواطن الحقة ومصالح الحكومة، إنما هو تغيير لصالح قواعد الاستبداد لا ضدها.
الاستبداد هو أن لا تجد الكفاءات ورش لإبداعاتها، والمؤسسات حَكامَة تُوجهها، والفقر دولة اجتماعية تُعينُ بالفُرصْ ولا تُعيلُ بالمِنحْ ، والمرفق الصحي شروط الاستشفاء، وطالب العلم مؤسسة ترفع من قدراته وتسقُلها، كل ذلك من معالم الاستبداد، وذاك كله يزيد من مهمة الحكومة، ويحيلها على طريق منهجي لمحاربة هذا السرطان الذي يعيش ولا يزال في جسد دولة القانون.
القانون بقدر ما كان حلا لمشكلاتنا الاجتماعية، بقدر ما شكل مشكلا في حد ذاته، حين تُأخذ مُقرراته بصورة مشوهة، وتفسيره بطريقة عابثة بأصله الوظيفي. يقول جون لوك الملهم الحقوقي المعروف 'يبدأ الاستبداد حين ينتهي القانون' فهذه هي المعادلة الصحيحة، في دولة الحق والقانون يستحيل أن يتغول الاستبداد، وإن كنا نقر بأوجه عدة لهذا الاستبداد فيه، فأكيد ثمة خطب ما في معالجتنا للقوانين، في تفسيرها وتطبيقها.
نحن في حاجة إلى منهج قانوني نعالج به الحق والالزام في مجتمعنا المغربي، فلم يكن في تاريخ المغرب الجديد المشكل مشكلل قانون، إنما في اعمال هذا القانون وتفسيره بما يخدم مصالح الشعب، وإن كان بيير بورديو يقول: 'أعطني مجتمعا أعطيك قانونه'، فلا يكفي هنا أن نحكم على الشعب المغربي أو حتى نُطمنه بدستور جديد متقدم في فلسفته الحقوقية، بل أن نحكم على هذا الدستور بحال المواطن المغربي، في التعليم أين وصل في الامية ونسبة الالتحاق بالمدارس والمعاهد؟ في الصحة، كم مقدار عائد المنفعة العامة للشعب من هذا القطاع لا بنسبة الانفاق؟ كيف تمضي مصالح المواطن في مؤسسة القضاء؟ ما منسوب الجريمة في هذا المجتمع؟ وأي مقاربة تُتخد لمواجهة هذه المعظلة؟ وما مدى المساحة الواقعية المخصصة للمواطن للمشاركة في تدبير الحياة العامة، سواء في إطار هيئات التشاور الاهلية، من على المنابر الاعلامية العمومية، وفي إطار المساهمة في اقتراحات تشريعية؟
و الأهم عمليا، أن لا نجعل روح الدستور وجسده القانوني رهين سلطة المقررات التنظيمية التي وإن كانت حاجة عملية لا ينبغي قانونا أن تُعطل او تُعارض روح قانون او مبدأ دستوري، فنقر الحق وننتظر بآجال مفتوحة ميقات تنظيمه ، بل ينبغي أن يبقى المبدأ ساريا عمليا ذو حجية في غياب أو حضور هذه المقررات، وبذلك في صالح المواطن فوق أي مصلحة أكانة اجرائية أم احترازية !
بموجب ما ذكر، تبقى مهمة محاربة الاستبداد وقائيا أهم من محاربة الفساد وإن كانا متصلين لا انفصال بينهما، إلا أن قضية الاستبداد تبقى أعمق وأقوى من الفساد، لكونها أولا موضوعية تهم القضايا لا الأشخاص المفسدين، وثانيا ترتبط بفلسفة الحكم المجتمعية، بالنظام وآلياته البنيوية والوظيفية. فإذا كان المفسد كفيلا بإفساد محيطه الضيق، سيكون عسيرا عليه إفساد دوائر أكبر، عكس الاستبداد الذي يفرض أنماطا تتماشى ونمطه، فتسع المجتمع كله، من بينها الفساد الذي يصير حينها، تحت الرعاية، مشاعا بشكل أقوى في المجتمع.
لذلك فمهمة محاربة الاستبداد ليست بالمهمة السهلة، فمنذ خروجه حيز التداول كأحد اهم المطالب المجتمعية الرئيسة للشارع المغربي، منذ 20 من شباط/فبراير 2011، وكأحد اهم الشعارات التي لا يزال المحتجون 'الفبراريين'، الشريحة المجتمعية العريضة، ينادون باستتبابها، وهو يحمل معاني كبيرة ضاربة في عمق حياة المواطن بكل تفاصيلها، وإقدام الحكومة على تحمل حجم هذا المطلب، لجرأة سياسية إن كانت تعي تماما تفاصيله المتشعبة، ولمغامرة سياسية فادحة، إن كانت لا تعي تماما عن أي استبداد هي في صدد الحديث عنه؟

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More