يونس

تجريبي

Pages

حديث الدبلوماسية في التصعيد الأممي على سوريا

عنوان الموضوع الثاني

وصف الموضوع الثاني .. هذا القالب من تعريب عثمان بن الطالب صاحب معهد خبراء بلوجر - لا تنسوا زيارتنا

عنوان الموضوع الثالث

وصف الموضوع الثالث .. هذا القالب من تعريب عثمان بن الطالب صاحب معهد خبراء بلوجر - لا تنسوا زيارتنا

عنوان الموضوع الرابع

وصف الموضوع الرابع .. هذا القالب من تعريب عثمان بن الطالب صاحب معهد خبراء بلوجر - لا تنسوا زيارتنا

عنوان الموضوع الخامس

وصف الموضوع الخامس .. هذا القالب من تعريب عثمان بن الطالب صاحب معهد خبراء بلوجر - لا تنسوا زيارتنا

الاثنين، 8 يوليو 2013

قيلت صراحة في مصر.. فليسقط حكم القانون


يونس الغايسي

في ظل حالة اللايقين التي تطبع المشهد المصري، لا يملك المرئ في ظل ضبابية أجوائها السياسية المشحونة إلا أن يبحث عن نقطة ثبات يقف عليها  ليسترد ما بقى له من أنفاس وشعور وذاكرة بدت حماسة الثورة المستمرة تفقدها مساراتها وتعبث بجغرافيتها. فبدونها بدا التاريخ القريب بالنسبة إلى أي مصري مسلسلا لا ينتهي من الإنقطاعات والطفرات صوب تصويب ثورة لا يعرف منها إلا بدايتها وبعض من دماء وتضحيات أبنائها، فيما المستقبل الموعود لم يعد عنده  أكثر من مجرد حلم تخالط بكابوس لحظات ثورة متحولة لا تنتهي سناريوهاتها الدامية.
قد يكون من الصعب إيجاد نقطة ثباث في خضم المشهد السياسي الحالي، بل المشهد السياسي المصري منذ ثورة 25 من يناير، فأبناء الحرية بالأمس الذين صنعوا تاريخهم الديمقراطي بوحدتهم وتماسك عقيدته التحررية بدو اليوم متصارعين وفي حالة استقطاب جذرية بما فرقتهم انتماءاتهم وولاءاتهم الإيديولوجية الضيقة.وكل منهم بدا في سعي إلى إقصاء نظيره وفي جهوزية للخوض في سبيل خسارته ,أكثر من ربحه هو,في لعبة صفرية غير مأمول من ورائها إلا الفناء المتبادل لكل الأحلام التي خطتها تجربة التحرر والتغيير الديمقراطيين التي عرفتها البلاد.
لكن أمام هذه الأوراق التاريخية والسياسية كما الأمنية المتخالطة في المشهد المصري والتي زادها تبعثرا إعلان المجلس العسكري في مصر حل سلطات رئيس منتخب باستحقاقات ديمقراطية وفق توقعات لايمكن أن يحكم على مدى واقعيتها إلا بما ستؤول إليه حالة البلاد أمنيا، فقد بدا لازما إيجاد نقطة أكثر ثبات وأكثر معقولية من غيرها يمكن من عليها تقديم قراءة أقرب إلى الواقع وأبعد بقدر الإمكان عن التقديرات الغائية.
إن أكثر نقاط ثباتا في المشهد المصري، والتي قد لا يتفق عليها كثيرون، هي لحظة الإعلان الدستوري الصادر في نوفمبر من العام 2012 الذي نسخه استحقاق الاستفتاء على الدستور الذي شهد الجميع على نزاهته، وما أنتجته من تفاعلات واستجابات متباينة بين متهم  للسلطة، بما حمله الإعلان من صلاحيات ، بمحاولة تكريس ديكتاتورية في لبوس ديمقراطي، وناصر للإعلان الرئاسي ابتغاء ما يعده من أهداف مسطرة تبقى أهمها إنصاف ضحايا ثورة يناير وتحقيق العدالة الإنتقالية بالبلاد.
ففي ما أتى به من صلاحيات تجعل من سلطة الرئيس واسعة موجهة لما أسماه المناصرون، حماية المؤسسات المنتخبة من فساد أجهزة ومؤسسات وطنية لم تحين الثورة رجالها وتقس مدى خدمتهم لأهدافها، وكثير من رجالها يؤدون مسؤوليات تمتد من حقبة النظام السابق وعلى رأسهم مؤسسة النائب العام، وجدت المعارضة فرصة أخرى، قَوّتها حصيلة الإنتخابات الرئاسية المتقاربة، لتتمركز في لا مركزية مكونها – الثوريين غير الإسلاميين، واللبراليون وأنصار النظام السابق ومن هم في إختلاف مع حكم الإخوان- لتحشد ضد ما أسمته بالإنقلاب على مكتسبات الثورة، داعية السلطة الرئاسية إلى التخلي عن هذا المسار اللاديمقراطي الهدام لتوقع المصريين. وقد قدمت المعارضة في سبيل إسقاط الإعلان الدستوري ما أسمته خيارات أكثر ديمقراطية تراعي حكم القانون وسيادته، وغرض تطهير مؤسسة القضاء واستتباب النزاهة فيها، من خلال وضع قوانين تنظيمية جديدة تؤطر عمل السلطة القضائية بالبلاد.
إن هذا الإختلاف الذي عبرت عنه مواقف الفرقاء السياسيين و أطرته بالأساس لغة تُجادل في الثابت من الثورة ومسعى دسترتها ألا وهي لغة القانون والسعي إلى ابتغاء الأسباب الموجبة لسيادته، كانت مسارا مؤسسا لبداية الصوابية في المشهد السياسي المصري، خصوصا وأن جوهر أزمة البلاد لم تكن في غياب الحكمة السياسية أو العوامل الظرفية المواتية للمضي قدما بالأوضاع إلى بر الإستقرار، فكل هذه العوامل يمكن أن تنضج شرط أن تجد أرضية صلبة تؤسّس عليها، إنما المشكلة في غياب هذه الأرضية التي تمثلها سيادة القانون حين تكرس في ممارسات سياسية ومطالب تحفظ قدرا معقولا من أصول المعاملة الديمقراطية.
وبدل ان تتعزز تلك المطالب القانونية للمعارضة، لتسرّف في نقد بناء للعوامل الهدامة لحالة اليقين ولجسر الثقة بين مؤسسة القانون والمخاطبين بها بعد أن تآكلت في ظل حالة الاحتقان السياسي بالبلد ، تحولت  المطالبات القانونية بإلغاء الإعلان الدستوري وما تمخض عنه من صلاحيات وممارسات إلى مغالطة ديمقراطية أحدت فيها التحول السياسي الذي أشرف عليه الفريق الأول "عبد الفتاح السيسي" نذوبا في المشهد السياسي المصري أعمق من تلك التي قد أحدثتها إعلانات أو خيارات رئاسية غير صائبة، سقط الإخوان ضحيتها قبل غيرهم.
لقد كان من الممكن، مع خصوصية الشأن المصري، أن تتعايش المطالب القانونية مع الخيار التمردي للمعارضة، كان معقولا جدا ومن المريح لوضعها السياسي أن يكون مخرج الأزمة المصرية كما مدخلها : قانونيا ديمقراطيا وفي إطار توقع كل الأطراف السياسية بكل كياسة وحنكة، بدل أن تنتهي الأوضاع بهذا الشكل التراجيدي، وخصوصا بعد مجزرة فجر الثامن من يوليو 2013 وما ذهب ضحيتها من أبرياء، على النحور الذي انهارت معها نظرية "أخف الضررين" واهتز معها حكم القانون وهيبة مؤسسات الأمنية للدولة، التي أضحى مستقبلها الوطني على المحك.
إن في غياب أرضية القانون والإحتكام إلى سيادته واستحقاقاته الديمقراطية، وتبخيسه على النحو الذي جرى في إعلان الثالث من يوليو 2013، خسارة للمأمول من الدولة المصرية التي بدت تتآكل هيبتها لتصبح على شاكلة الدول التي يكتب على بابها" تنبيه: قد يكون هذا البلد خطرا على صحتك" ! فمن دونها أضحت مصر القوية التاريخية في عصرها الثوري دولة فاشلة  رمادية متخبطة في مسارها التحولي ومفتقرة إلى الدرجات المعقولة من اليقين السياسي الذي معه تتعزز قدرة البلد الإقتصادية والتنموية وتنتعش في حالتها قطاعات ناهظة بأوضاعها السوسيواقتصادية.
وتبدو المشكلة بأي حال، في حال مصر،  ليست فقط في أن يلغي "العسكر" تجربة ديمقراطية مشهود بها، وهو مطلب كان حاضرا مرجحا من شخصيات سياسية معارضة كالدكتور البرادعي منذ أزمة الإعلان الدستوري حين عبر عن تطلعه بما اسماه لعب الجيش ل"دوره الوطني" حين تخرج الأوضاع عن السيطرة،  بل على نحو أكثر رمزية، أن تكرِّس له الممارسة المستحدثة بعد ثورة تطلب التغيير والقطع مع الممارسات السابقة التعسفية، سلطة رمزية في البلاد موازية بل ومهيمنة على إرادة شعبية مقررة في أرقى تكريس لها، مع أن ما جرى قد أثبت افتقار المؤسسة العسكرية للحنكة السياسية وتميّز القيادة الجديدة بالإرتجالية الاستراتيجية في قراءة الأوضاع، حين سقطت في فخ الإنحياز لطرف دون آخر بتقدير غير دقيق لما أسمته إرادة شعبية لم تتحقق، رغم أهميتها، إلا في مشهد إعلامي اضطلعت في تغطيته سياسة دعائية متحيزة لا يخف الكثيرون مدى الدور الذي لعبته في تضخيم مشهدها، تذكرنا بذات السياسة التي انتهجت بنجاح أيام مصدق 1953 وعلى نحو انعكاسي مع حكم شافيز 2002.
إن الفكر الديمقراطي الأصيل الذي تحدث عنه الفريق الأول عبد الفتاح السيسي وكرسه في ممارسة لايمكن اسقاط مفهوم الإنقلاب عنها، قد قوبل بردود أفعال ناقدة لعقيدته حين بدت معها سيادة القانون بالوطن خارج التقدير. فقد عبرت الأمم المتحدة صراحة عن قلقها من التحول الذي عرفه المشهد المصري بعد تعليق القوات المسلحة العمل بالدستور وما تلى ذلك من ممارسات تضييقية على الحريات الشخصية  والعامة بالبلد، محذرة من عواقب اتخاذ السلطات الأمنية، في غياب سلطة القانون، إجراءات انتقامية لا ديمقراطية في حق أي فصيل سياسي قد يكون لها تداعيات مجتمعية مدمرة. فيما علق مجلس الأمن والسلم بالإتحاد الإفريقي عضوية مصر بالمنظمة إلى حين عودة العمل بالنظام الدستوري، وهو قرار يندرج فيما درجت المنظمة على اتخاذه تجاه الدول الإفريقية الفاشلة بعد تعطل العمل بالدستور في  بلادها. هذا في ظل اتخاذ الاتحاد الأوروبي موقفا غامضا ممايجري في مصر يشي بالكثير، خاصة لو قسناه بموقف الاتحاد  الصريح الذي عبر عنه حين أيد في تجربة شبه مماثلة إعلان الجيش الجزائري  في سنة 1992 الإنقلاب على المسار الديمقراطي الذي بدا ينتخب الإسلاميين إلى سدة الحكم.
إنه لمن المستحيل أن يتم الحديث عن بديل للمشهد السياسي المصري دون أن يكون حجره الأساس تعزيز سلطة القانون وسيادته بين المجتمع. فلا يمكن للثورة أن تستمر وتحفظ مكاسبها إلا بدسترتها واستثمارها في الثابت من المجريات المتحولة فيها، والثابت المراهن عليه هنا، الذي افتقدته الثورة المصرية، تكريس ثقافة إحترام القانون والجنوح إليه في تسوية الخلافات بين فرقاء، أو كما يسمى تحويل النضال السياسي إلى مطالب قانونية. ويبدو من دون ذلك المستفيد والرابح الأكبر هي المؤسسة الأمنية المصرية التي كان من الموعود أن يتم إعادة هيكلتها بعد تجربة ثورة 25 من يناير وهو ما لم يتم في ظل الصراع السياسي الذي خاضه الفرقاء من جهة وسعيهم كل مرة إلى استقواء بهذه المؤسسة أو الأخرى على حساب متطلب صناعة الأمن الوطني وتجديد عقيدته الأمنية كما كان مأمولا. 
لما كان القانون هو علم  جبر الأمن، كان حقيقا به أن يكون الرقم المفقودة في معادلة اللايقين السياسية التي تشهدها مصر في لحظتنا والمطلوب لإعادة التوازن إلى وضعها الأمني، ودون اتخاذ سبل للرجوع إلى حكم القانون كأولوية في ظل الظروف الأمنية والإقتصادية الإجتماعية التي تعيشها مصر لتصحيح المسارات والخيارات السياسية، فلا ينتظر من الثورة في استمرارها في غياب نقطة ثباب توازن مسيرها، إلا أن تفقد مكاسبها إن لم تتحول مع كل طفرة أو انقطاع سياسيين إلى تلوين آخر، وفصل آخر من فصول عبث جارح بتاريخها الحضاري والثوري.  
 08/07/2013


Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More